اعداد / عارف بامؤمن، مهتم بالتسويق الرقمي، والتسويق للمنظمات غير الربحية.
يُعد شهر رمضان أحد أكثر المواسم والفرص لتنمية الموارد المالية واستقطاب التبرعات في المنظمات الخيرية، لكن الملاحظ أن كثيرًا من المنظمات المحلية لا تعطي هذا الجانب ما يكفي من الاهتمام.
إذا كنت تدير منظمة خيرية فهل بدأت بالفعل بتجهيز حملتك التسويقية خلال شهر رمضان؟، أم تنتظر إعلان هلال الشهر الفضيل لتطبخ تصميمًا بسيطاً “لإسقاط الواجب” وتسميه حملة تسويقية. إذا كان هذا حال جمعيتك أو مؤسستك في التعامل مع موسم عظيم كشهر رمضان، فأنت بحاجة لإعادة النظر.
بداية من الأهمية بمكان أن تقتنع أن #التسويق لأي منظمة خيرية هو ضرورة وليس ترفًا، هو شريان الحياة بمجرد أن يتوقف تموت المنظمة. إذا كانت الشركات والجهات الربحية تتسابق وتتنافس على استقطاب أكبر قدر من العملاء خلال شهر رمضان فإن الجهات الخيرية أولى بهذا الموسم استنادًا لمهمتها ورسالتها الجلية.
في هذا المقال أحببت أن أقدم 10 نصائح لنجاح الحملة التسويقية الخيرية خلال شهر رمضان وكلي أمل أن تساعدك في تصميم وإطلاق حملة تسويقية خيرية احترافية:
✅ أولا: خطط لحملتك، اجتمع بفريقك أو استعن بخبير في هذا المجال ليقدم استشارة تضع الخطوط العريضة، ضع خطة بسيطة تتضمن “أهدافك من الحملة، من هم عملاؤك سواء من الأفراد او الجهات المانحة، ماهي القنوات التي يمكن الوصول لهم من خلالها، محتوى ووسائل الحملة”، وستكون هذه الخطوة أجمل بتعيين فريق مصغر ولو من ثلاثة أفراد يدير الحملة بدلا من تركها “يتيمة” وترك الموضوع للحظ.
✅ ثانيًا: تعرف على سلوك المتبرعين ولو بحده الأدنى ـ هذا ليس تنظيراً ـ لأنه سيختصر عليك الطريق، ابحث عن دوافع المتبرعين، ربما تقول الناس تبحث عن الأجر والثواب، نعم قد يكون ذلك أبرز دافع للتبرع خصوصًا في شهر رمضان، لكن هناك أسبابًا أخرى كالشعور بالعطاء، الشعور بالسعادة للأشخاص، المسؤولية الاجتماعية للشركات وغيرها، ادرس كيف تضمنها في محتوى الحملة.
✅ ثالثا: قدم مشاريع “منتجات” غير تقليدية ومتنوعة، لما نقول منتج لانقصد بذلك سلعة محسوسة فقط “فالخدمة التي تقدمها منتج، الفكرة والقيم التي تروجها منتج، السلة الغذائية منتج” حاول أن تكون مشاريعك ذات أثر واضح، اجتهد لوضع لمسة إبداعية عليها، مع الأخذ في الاعتبار التنويع بما يلبي رغبات وحاجات، فبعض المتبرعين يحبذون مشاريع سقيا الماء، وآخرون إفطار الصائم، وآخرون إطعام الطعام وغيرها.
✅ رابعاً: صياغة الرسالة التسويقية بطريقة مؤثرة ومقنعة، أنت في سوق مزدحم خلال شهر رمضان وهو ما يسمى تسويقياً بـ “المحيط الأحمر” أي شديد التنافسية بخلاف بقية أشهر السنة، هناك مئات بل آلاف الإعلانات التي يتعرض لها الشخص خلال اليوم الواحد، فعند صياغة الرسالة التسويقية ركز على قيمتك التنافسية، ما لذي يميزك أنت، ركز على الأثر المتوقع من المشروع.
على سبيل المثال إذا كان لديك مشروع مياه، بدلا أن تكون صياغة إعلانك (ساهم معنا في حفر بئر ماء بمنطقة … ) قل (ريالك يسهم في إعادة الحياة لآلآف السكان في منطقة …) وبدلا من (تبرع لصالح السلة الرمضانية) قل (200 ر.س كفيلة بإعادة الفرحة لأسرة فقيرة خلال الشهر الفضيل)، ركز على الأثر بشكل أكبر.
خاطب العاطفة، الناس تحركها العواطف دائما، على سبيل المثال إذا كنت تستهدف مخيما للنازحين بمواد شتوية بإمكان صياغة الرسالة كالتالي (في مخيم “س” سيخلد نحو 1000 طفل إلى النوم هذه الليلة تحت أجواء شتوية قاسية، كن أنت اليد الحانية التي تنهي هذه المعاناة… تبرع الآن ..).
استعرض قصص النجاح التي صنعتها خلال العام الماضي لاشيء يلامس العاطفة ويعزز الثقة مع المتبرع كقصص النجاح. وإذا تمكنت من صنع مادة فيديو مؤثرة ستكون أبلغ بكثير من مجرد تصميم جامد.
هناك نقطة مهمة أيضا في هذا الجانب، عند إنشاء محتوى الحملة لا تضمن كل المشاريع في تصميم واحد، بإمكانك عمل ذلك في إطلاق الحملة، لكن يفضل لاحقًا أن تفرد كل مشروع بمحتوى منفصل، لا شيء يتعب العقل ككثرة الخيارات أمام المتلقي.
تذكر أيضًا أنه لا يمكن لشخص أن يتبرع لجهة لا يعرفها، فاشتغل كثيرا على المحتوى الذي يهدف للتوعية بأهداف وعمل منظمتك والأثر الذي تحققه بدلا من الاقتصار على إعلانات التبرع فقط.
✅ خامسًا: الشراكات خيار مجدي أيضاً، كثير من الجهات ربما لا تفضل التبرع بالأموال لكنها لا تمانع من التبرع بالمواد العينية جرب أن تستهدف المطاعم بتخصيص عدد معين من الوجبات كوجبات إفطار، اطرق باب مصانع المياه لتوفير مياه الشرب للإفطار بدلا من شرائها بمبالغ باهظة، ماذا لو خصصت أيضًا مشروعا لتوفير “منظومات طاقة” لتخفيف معاناة أصحاب الأمراض المزمنة خلال الصيف، اجعل فكرة التمويل مثلا كل شركة أو محلا لبيع البطاريات يتكفل بتوفير منظومة واحدة، وأطلق على الحملة اسم لطيف يحرك المشاعر من قبيل (أنوار الحياة) (نورها بخيرك)، ومع كل تبرع انشر منشوراً يتضمن العلامة التجارية للمتبرع.
كثير من الشركات والبنوك وغيرها لديها الاستعداد بالمساهمة ضمن مسؤوليتها الاجتماعية لا تتبرع لك بالمال، لكنها تسهم في نجاح مشروعك وتحقيق أهداف مشتركة، شريطة فهم احتياجات الشركة من هذا الجانب، والأخذ في الاعتبار الجانب الدعائي فدوافع الجهات الربحية غير الأفراد، فاعمل على تضمين ذلك في عملية الترويج.
✅ سادسًا: التسعير أحد أهم الفنون في المزيج التسويقي: حاول أن تبدع بشكل أكبر، قسّم التكلفة على شكل أسهم لتظهر بشكل أنسب للعملاء، فمثلاً لو كان لديك مركز تحفيظ قرآن من 15 حلقة، يكلفك سنويا 7,500,000 ظهور الرقم بهذا الشكل ربما يتسبب في عزوف الأفراد عن التبرع كونه يخلق انطباعًا لديهم أن تبرعهم لن يحدث فرقًا، لكن إذا قسمته على 15 يوما يصبح الإجمالي 250,000 وعلى هذا الأساس تطلق حملة إبداعية مثلا تسميها “كل يوم نكفل حلقة” وبسهم من 5000 أو 10,0000 بهذه الطريقة تصبح الحملة أكثر واقعية.
في هذا الجانب أبدع في تسمية الأسهم، سهم الوالدين، سهم الأجداد، سهم الوفاء لصديقك الراحل وهكذا، واحدة من التجارب المحلية الناجحة في هذا الجانب حملة مساجد “بر الوالدين” بمدينة المكلا وساحل حضرموت والتي تمكنت حتى الآن في بناء 4 مساجد، وأعتقد أن السبب الرئيسي في ذلك لمسهم لعاطفة الأبوة التي لا تعادلها عاطفة.
✅ سابعًا: اصنع دليلاً ماديًا يقنع المتبرع، أحد أكبر التحديات في التسويق غير الربحي أو التسويق الخيري هو أن “المنتج” غالبا غير محسوس، أي أن العميل (المتبرع) يدفع مالا لكنه لا يحصل على شيء مقابل ذلك مثل ما يحصل في التسويق الربحي، فالمنظمة الخيرية ربما تقدم خدمة معينة، أو تروج قيمة وربما حتى تحفر بئرا لكن في النهاية المتبرع لا يحصل على شيء محسوس مقابل تبرعه، فلو تمكنت من تجسيد الأثر على شكل شيء محسوس فقد حققت نجاحًا باهرا، مثلا تستعين بالصور قبل وبعد، إذا دعمت مزارعين بإمكانك إهداء المتبرع شيئا من الحصاد، رسالة من المستفيد للمتبرع، باختصار كل دليل مادي يسهم في كسب ثقة المتبرع.
✅ ثامنًا: بسط عملية التبرع، من خلال تنويع قنوات التبرع خصوصًا للمتبرعين في الخارج، من غير المعقول أن يقتنع العميل بالتبرع لمنظمتك ثم يجد صعوبة في ذلك، احرص على وجود حساباً لدى معظم البنوك المحلية.
✅ تاسعًا: إدارة العلاقة مع المتبرعين، بدافع الحاجة ربما تكسب متبرع لمرة واحدة، لكن بالثقة تجذب متبرع طيلة العمر، ابني قاعدة بيانات للمتبرعين، واخلق تواصلا فعالاً معهم، من الممكن جمعهم في مجتمع واتساب “يشمل خاصية عدم التعرف على الأعضاء الآخرين” أو رسائل جماعية وتطلعهم على المشروع أولا بأول، قدم لهم تقريرا بعد تنفيذ المشروع، قدم لهم شهادات شكر أو هدايا تذكارية، الشعور بالتقدير والاحترام لا شيء يضاهيه هذه طبيعتنا البشرية، هذه نقطة حساسة وفارقة جدًا.
✅ عاشرًا: لا ترم حملتك في البحر، والمقصود تابع حملتك أولا بأول، تابع التفاعل، أي المشاريع تحظى بقبول أكبر وركز عليها.. المشاريع التي لم تحظ بتفاعل كافٍ هل في إمكانية تغيير محتواها أو عرضها بشكل أفضل، وفي النهاية قم بقياس نجاح الحملة من عدمه.
وأخيرًا مثلما يقال أن الناس تشتري من الناس، أيضا الوضع هنا مشابه تمامًا إذا صنعت رمزا أو شخصية تحوز على ثقة المتبرع فقد قطعت شوطًا كبيراً ولدينا نماذج محلية يشار لها بالبنان، لكن إذا أوجدت استراتيجية وطريقة احترافية لجمع التبرعات فهو أفضل حتى لا تتأثر منظمتك يوماً بغياب شخص ما، أو انتقاله من المنظمة.
كل التوفيق لجمعياتنا ومؤسساتنا الخيرية المحلية في هذا الموسم العظيم فهم يقومون بجهد عظيم، ونتمنى أن نرى حملات إبداعية تتماشى مع التطورات الهائلة في عالم التسويق.